فصل: الشاهد الثالث والتسعون بعد الخمسمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.البيعة للخليفة بمصر ثم مقتله بالحديثة وغانة على يد التتر والبيعة للآخر الذي استقرت الخلافة في عقبه بمصر.

لما قتل الخليفة عبد الله المستعصم ببغداد بقي رسم الخلافة الإسلامية عطلا بأقطار الأرض والظاهر متشوف إلى تجديده وعمارة دسته ووصل إلى مصر سنة تسع وخمسين عم المستعصم وهو أبو العباس أحمد بن الظاهر كان بقصورهم ببغداد وخلص يوم البيعة وأقام يتردد في الأحياء إلى أن لحق بمصر فسر الظاهر بقدومه وكرب للقائه ودعا الناس على طبقاتهم إلى أبواب السلطان بالقلعة وأفرد بالمجلس أدبا معه وحضر القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز فحكم باتصال نسبه بالشجرة الكريمة بشهادة العرب الواصلين به والخدم الناجعين من قصورهم ثم بايع له الظاهر والناس على طبقاتهم وكتب إلى النواحي بأخذ البيعة له والخطبة على المنابر ونقش اسمه في السكة ولقب المستنصر وأشهد هو حينئذ الملأ بنفويض الأمر للظاهر والخروج له عن العهد وكتب بذلك سجله وأنشأه فخر الدين بن لقمان كاتب الترسيل ثم ركب السلطان والناس كافة إلى خيمة بنيت خارج المدينة فقرىء التقليد على الناس وخلع على أهل المراتب والخواص ونادى السلطان بمظاهرته وإعادته إلى دار خلافته ثم خطب هذا الخليفة يوم الجمعة وخشع في منبره فأبكى الناس وصلى وانصرفوا إلى منازلهم ووصل على أثره الصالح إسمعيل بن لؤلؤ صاحب الموصل وأخوه إسحق صاحب الجزيرة وقد كان أبوهما لؤلؤ استخدم لهلاكو كما مر وأقره على الموصل وما إليها وتوفي سنة سبع وخمسين وقد ولي ابنه إسمعيل على الموصل وابنه المجاهد على جزيرة ابن عمر وابنه السعيد على سنجار وأقرهم هلاكو على أعمالهم ولحق السعيد بالناصر صاحب دمشق وسار معه إلى مصر وصار مع قطز وولاه حلب كما مر ثم اعتقل ثم ارتاب هلاكو بالأخوين فأجفلا ولحقا بمصر وبالغ الظاهر في إكرامهم وسألوه في إطلاق أخيهم المعتقل فأطلقه وكتب لهم بالولاية على أعمالهم وأعطاهم الألوية وشرع في تجهيز الخليفة إلى كرسيه ببغداد فاستخدم له العساكر وأقام له الفساطيط والخيام ورتب له الوظائف وأزاح علل الجميع يقال أنفق في تلك النوبة نحوا من ألف ألف دينار ثم سار من مصر في شوال من السنة إلى دمشق ليبعث من هناك الخليفة وابني لؤلؤ إلى ممالكهم ووصل إلى دمشق ونزل بالقلعة وبعث بليان الرشيدي وشمس الدين سنقر إلى الفرات وصمم الخليفة لقصده وفارقهم وسار الصالح إسمعيل وأخواه إلى الموصل وبلغ الخبر إلى هلاكو فجرد العساكر إلى الخيفة وكبسوه بغانة والحديثة فصابرهم قليلا ثم استشهد وبعث العساكر إلى الموصل فحاصروها تسعة أشهر حتى جهدهم الحصار واستسلموا فملكها التتر وقتلوا الصالح إسمعيل والظاهر خلال ذلك مقيم بدمشق وقد وفد عليه بنو أيوب من نواحي الشام وأعطوه طاعتهم المنصور صاحب حماة والأشرف صاحب حمص فأكرمهم وصلهما وولاهما على أعمالها وأذن لهما في اتخاذ الآلة وبسط حكمهما على بلاد الإسماعيلية وإلى المنصور تل باشر الذي اعتاضه عن حمص لما آخذها منه الناصر صاحب حلب ووفد على الظاهر أيضا بدمشق الزاهد أسد الدين شيركوه صاحب حمص وصاحب بعلبك والمنصور والسعيد ابنا الصالح إسماعيل بن العادل والأمجد بن الناصر داود والأشرف بن مسعود والظاهر بن المعظم فأكرم وفادتهم وقابل بالإحسان والقبول طاعتهم وفرض لهم الأرزاق وقرر الجرايات ثم قف إلى مصر وأفرج عن العزيز بن المغيث الذي كان اعتقله قطز وأطلقه يوم الموقعة بالكرك وولى على أحياء العرب بالشام عيسى بن مهنا بن مانع بن جريلة من رجالاتهم ووفر لهم الإقطاع على حفظ السابلة إلى حدود العراق ورجع إلى مصر فقدم عليه رجل من عقب المسترشد من خلفاء بني العباس ببغداد اسمه أحمد فأثبت نسبه ابن بنت الأعز كالأول وجمع الظاهر الناس على مراتبهم وبايع له وفوض إليه هو الأمور وخرج إليه عن التدبير وكانت هذه البيعة سنة ستين ونسبه عند العباسيين في أدراج نسبهم الثابت أحمد بن أبي بكر علي بن أبي بكر بن أحمد بن الإمام المسترشد وعند نسابة مصر أحمد بن حسن بن أبي بكر بن الأمير أبي علي القتبي بن الأمير حسن بن الإمام الراشد بن الإمام المسترشد هكذا قال صاحب حماة في تاريخه وهو الذي استقرت الخلافة في عقبه بمصر لهذا العهد انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم.

.فرار التركمان من الشام إلى بلاد الروم.

كان التركمان عند دخول التتر إلى بلاد الشام كلهم قد أجفلوا إلى الساحل واجتمعت أحياؤهم بالجو كان قريبا من صفد وكان الظاهر لما نهض إلى الشام اعترضه رسل الإفرنج من يافا وبيروت وصفد يسألونه في الصلح على ما كان لعهد صلاح الدين فأجابهم وكتب به إلى الانبردور ملكهم ببلاد إفرنسة وراء البحر فكانوا في ذمة الظاهر وعهد ووقعت بين الإفرنج بصفد وبين أحياء التركمان واقعة يقال أغار فيها أهل صفد عليهم فأوقع بهم التركمان وأسروا عدة من رؤسائهم وفادوهم بالمال ثم خشوا عاقبة ذلك من الظاهر فارتحلوا إلى بلاد الروم وأقفر الشام منهم والله تعالى ينصر من يشاء من عباده.